على الرغم من أن العقاقير المضادة لحالات الاكتئاب والقلق تساعد المرضى وتهدئ من الاضطرابات التى تنتابهم، الأمر الذي يجعل هؤلاء المرضى يحتاجون إليها للتخفيف من الأزمات التى تأتيهم ليلا أو نهارا حتى زوال مفعول هذه العقاقير.
إلا أن الأمر قد ينتهي بدخول المريض فى حالة إدمان هذه العقاقير .. وبرغم ذلك، فمن الممكن دائما الاستغناء والتوقف عن تناول هذه العقاقير بسهولة وايجاد بدائل طبيعية لها.
عندما يتكرر تناولنا لهذه العقاقير فإننا نصبح محققين أرقاما قياسية فى استهلاك المهدئات ومضادات الاكتئاب.
فعلى سبيل المثال: 21.4% من الفرنسيين استهلكوا العقاقير ذات التأثير العقلى (Psychotropes) فى عام 2007، أى ما يعدل استهلاك 109 مليون عبوة من هذه العقاقير فى مقابل 15.5% من الاسبانيين و5.9% من الالمانيين، وعلى نفس المستوى تأتى العقاقير المسكنة للآلام لتحتل مكانة مرتفعة لتصل إلى 380 مليون عبوة، وفى المرتبة الثالثة تأتى المضادات الحيوية محققة رقماً استهلاكيا يصل إلى 89 مليون عبوة.
وهناك سؤالاً يفرض نفسه، لماذا هذا النهم فى استهلاك تلك العقاقير خاصة من جانب الأشخاص اللذين يخضعون للعلاج النفسى.
ويقول الطبيب النفسانى باتريك لوموا: إن الفرنسيين لا يختلفون كثيراً عن الأمريكيين أو الكنديين وسائر الأوروبيين.
وفقا لنتيجة الدراسة التى مولها الصندوق الوطني للتأمين علي المرض CNAM، سنجد أن السبب فى ذلك النهم على تناول العقاقير يكمن وراء الأطباء لا المستهلكين .. حيث قامت ممثلتان بزيارة اختبار لـ120 طبيبا ولعبن سيناريوهات مختلفة حيث طالبن بتجديد العقاقير المهدئة التى يتناولنها بدون مبرر، من بين الــ 120 طبيب اللذين قمن باستشارتهم، استمعوا جميعهم لهاتين المريضتين خلال 23 دقيقة في المتوسط، لكن أى من هؤلاء الأطباء لم يكن قادراً على أن يقول "لا" إزاء طلب المريضتين تجديد الدواء، "إلا أن الرفض أو إيماءات الرفض كان ظاهراً ضمنياً كجزء من العلاج".
لو أننا أردنا التنفيس عن ليالى الأرق أو موجات الضغط العصبي، لا يجب علينا مطلقا أن نصف أو نجدد تلك الأقراص من تلقاء أنفسنا. فليس منطقيا أن نتعامل مع أى نوع من أنواع الاضطراب عن طريق تناول العقاقير أو تحويل أي نوع من الأضطراب إلي مشكلة طبية.
إذا، فكل شخص لديه انطباعاً سيئاً عن حالته النفسية، ويرتبط بتناول عقارا ما لكى ينام أو يشعر بالاسترخاء أو لا يصاب بالإنهاك فى العمل .. لكنه يرغب فى أن يتخلص من إدمانه على هذا الدواء.
يجيب الدكتور باتريك لوموان على تلك الأسئلة المطروحة: هذه العقاقير تعتبر ذات قيمة نافعة إذا ما تم وصفها تحت الإشراف الطبى وإذا أخذت بطرق علمية ووفقا لتعليمات معينة ولفترات محدودة (أقل من 3 أشهر بالنسبة للمهداءات وأقل من شهر للعقاقير الذهنية "العقلية").
المهداءات ومضادات القلق
الهدف: الوصول إلى الحد الأدنى من الجرعات ثم التوقف نهائيا.
معظم هذه العقاقير تحتوى على الـ benzodiazepines، هذه المنتجات تكافح القلق، الخوف، وتساعد على ارتخاء العضلات (تحتوي علي خصائص مرخية للعضلات وذات تأثر مسكن متفاوت فى قوتها).
أشهر العقاقير المهدئة والمضادة للقلق : Seresta,Tranxene,Lexomil,Xanax,Lysanxia
لماذا يجب التوقف عن تناول هذه العقاقير؟
عندما تزيد فترة التناول عن ثلاثة شهور، يكون هناك خطر التعرض للإدمان على هذه المواد علاوة على الآثار الجانبية التى تظهر حسب فترة التعاطى.
هذه العقاقير تؤثر على الذاكرة، خاصة اللذين يتعاطون الكحوليات، وثؤثر كذلك علي الانتباه، الإبداع، الدافعية، ومن جهة آخرى، بعض المنتجات ذات العمر المتوسط (يتم إلغائها على مدى بضعة اسابيع ) تكون السبب وراء حالات النعاس أو الدوار.
هذه المواد تتراكم فى الجسم حيث تصاحبها آثار جانبية ذات مراحل استرخاء وانخفاض الضغط، مما يزيد من خطر التعرض لحالات كسر العنق أوعظم الفخذ لدى الاشخاص المسنين بنسبة من ثلاث لأربع مرات.
ولكن علينا أن نعرف : لو أن هؤلاء المسنين يتناولون عقاراً بجرعات منخفضة منذ بضع سنين ودون حدوث آثاراً غير مرغوبة، فلا يتحتم عليهم تغيير تلك العقاقير.
وهناك ضرراً آخر لا يستهان به: بمعدل ربع أقراص المهدئات على مختلف أنواعها، يتم تناولها حوالى الساعة السابعة مساءا الأمر الذى يضاعف حالات انقطاع التنفس أثناء النوم (انتفاخات مصحوبة بتوقف فى التنفس تصيب النساء بعد انقطاع الطمث)، مما يزيد من مخاطر التعرض لحالات الاحتشاء (انسداد وتكدس الصفائح الدموية في الشرايين القلبية) وارتفاع الضغط.
لكن كيف يمكن الإقلاع عن المهدءات ومضادات القلق؟
الامر يتوقف كلية على الجرعة: فى حالة الأدوية التى تؤخذ بجرعة كبيرة وتم تناولها منذ عام على الأقل، فى هذه الحاله لابد من الدخول تحت العناية الطبية لإيقاف الدوار وفى المقابل إذا كنت تتناولين جرعة منخفضة منذ عدة شهور فقط، فمن الممكن إلغاء ربع معدل الأقراص كل شهر، لبلوغ الحد الأدنى من الجرعات، ثم التوقف تماماً.
ما هى بدائل المهدائات ومضادات القلق؟
من الضرورى وفى المقام الأول أن يقوم المريض بتغييرالنمط الصحى والحياتى، وذلك عن طريق مارسة التدريبات البدنية على وجه الخصوص، وعلينا أن نستعيد العلاقات الإنسانية والعاطفية (مما يساعد على إطلاق مادة الاندروفين التى تحتوى على خصائص مماثلة للمهدئات ومرخيات العضلات).
ثم عليك بتناول منقوع نبات الناردين وهو نوع من النبات يحتوى على مواد مضادة للقلق وثبتت فاعليته علميا.(Boiron Valeriane, Elusanes Valeriane,Arkogelules Valeriane).
وفى فترات الإجهاد يمكن تناول (الكازين) وهى ذرات مستخرجة من اللبن لها خصائص مهدئة ومضادة للإجهاد (علاج لمدة 10 أيام بالـ Seriane بمقدار كبسولة أو اثنتين كل يوم أو بجرعات معينة يحددها الطبيب)، وأخيرا يمكنك تجربة التنويم المغناطيسى، اليوجا، تمارين الاسترخاء والتأمل وهى أنشطة تؤدى لنتائج رائعة.
وبكل تأكيد لابد من إيلاء العلاج النفسى اهتماما واسعا، بما فى ذلك العلاج السلوكى والإدراكى، مما يسهل عملية الإقلاع مع تخفيف الأضطرابات أو القلق المصاحب لتوقف العقاقير.
أعلمي جيدا:
أن هناك مهدئات من مصادر طبيعية 100%: الـ endobenzodiazepines وهى جزيئات يفرزها الجسم ذاتياً، وأيضا مصادر غذائية أخرى (توجد فى البطاطس).
ولكن إذا ما اشبعنا الجسم بالمهدئات الدوائية، فإنه يتوقف تلقائياً عن إنتاج هذه المواد وبالتالى تبدأ الاضطرابات، لذا عندما تتوقف العقاقير الدوائية يستعيد الجسم إنتاج هذه المواد من تلقاء نفسه.
العقاقير المهدئة والمنومة
هذه العقاقير تسبب تخديراً خفيفا وتسبب النعاس، وأغلب هذه العقاقير مكونة أيضا من الـ benzodiazepines حيث يلاحظ تأثيرها المهدئ أوالعقاقير المنومة المضادة للهيستامين (المادة الأساسية المسئولة عن إحداث التفاعل التحسسي في الجسم- مما يسبب الحساسية والأرتكاريا) Donormyl)).
ومن أشهر هذه العقاقير الـ Rohypnol- Mogadon- Havlane- Halcion - Stilnox إلخ...
لماذا يجب الإقلاع عن المهدئات والعقاقير المنومة؟
إن النوم تحت تأثير العقاقير المنومة يظل فعالا خلال ثلاثة اسابيع بحد أقصى، ويمكن استعادته بعد هذه الفترة بشكل طبيعي .
لكن فيما يزيد عن تلك الفترة، تفقد هذه العقاقير تأثيرها وفى المقابل تصاب الذاكرة ببعض الأضرار... حيث يكون النوم غير مريحا، لكن المريض لا يتذكر شى من ذلك عند الاستيقاظ، فيفاجئ بشعوره بالتعب، إنه فقط يعيش على وهم وحلم أنه ينام: وقد أظهرت بعض التسجيلات بالمعامل أن النوم تحت تأثير المهدئات تتخلله عدة مرات من اليقظة ويكون النوم مؤرقاً.
لكن عندما ينام الإنسان بشكل طبيعى، قد ينام لفترة أقل مما سبق، إلا أنه يستيقظ فى حالة بدنية جيدة، وبالتالى تزداد القدرة التركيزية والذهنية.
كيف يمكن التخلص من العقاقير المنومة والمهدئة؟
يتم ذلك عبر جرعات متدرجة، حتى بلوغ الحد الأدنى من الجرعات.
وعند الوصول إلى ربع الجرعة، يمكن اللجوء لأدوية بديلة بمقدار 30 قرص خاوى (افتراضي) (يتم تناولهم تحت إشراف الطبيب) ويملأ ثلث القرص بدقيق وسكر أو آسبارتام (محلي سكري صناعي أحلي 200 مرة من السكر ولكن بسعرات حرارية أقل بكثير) والثلثين بأقراص حقيقية مجروشة.
ضعى كل هذا الخليط فى عبوة وتناوليها بدلا من الأقراص اليومية، هكذا يتناول المريض 20 قرصا حقيقيا طوال شهر مقابل 10 من الأدوية البديلة.
وفى الشهر التالى تناولى نصف المقدار وفى الثالث عليك بالوصول إلى 10 أقراص من الدواء مقابل 20 من الأدوية البديلة.
وتهدف هذه المناوره إلى التخلص من الخوف من الحرمان من جرعة المهدئ التى تؤدى – وحدها – إلى النوم.
طريقة أخرى: كل حسب ايقاعه: قطعى القرص إلى أجزاء حتى لا تبتلعى سوى بعض ذرات عند في نهاية المطاف وقبل التوقف النهائي.
ماهى البدائل؟
يمكن استخدام العلاج الإيقاعى للجسم، فالنوم واليقظة لهما ارتباطا وثيقا بحرارة الجسم، يمكن وضع مادة الـ Morphee على الذراعين عندما تكون حرارة الجسم منخفضة بشكل كبير، وبالعكس عن مغادرة الفراش، إذا عند الاستيقاظ، اتركى نفسك لأى عمل من شأنه أن يرفع من حرارة الجسم (كالحمام الساخن، التدريبات البدنية، الركض أو المشي).
لكن فى المساء، عليك بممارسة أنشطة هادئة (كالبقاء فى ظل خفيف، تهوية الحجرة، لا تشاهدى أفلام مفزعة وابتعدي عن القلق والتوتر...، عليك باستخدام الأعشاب المهدئة التى تحتوى على مادة الناردين، ورق البرتقال، الترنجان،الزعتر أو الأدوية العشبية، وقد يفيد أيضا استخدام اجهزة العلاج الضوئى التى تساعد على استقرار النوم المتقطع.
أعلمي أن
مادة الـ Circadin مخصصة للأرق لمن تعدوا سن الـ 55 سنة وهى قريبة من مادة الميلاتونين (هرمون يتحكم فى إيقاع النوم والنعاس).
مضادات الاكتئاب..
مضادات الاكتئاب هي عقاقير تعالج حالات الاكتئاب الشديدة بالإضافة أيضا لأزمات الخوف وبعض حالات الرعب المرضى كذلك حالات الوسواس القهرى. وتوصف مضادات الاكتئاب عادة فى حالات الحزن، الحداد، الصدمات العاطفية، والآلام الوظيفية في الجسم .
وأشهر أنواع مضادات الاكتئاب: Prozac, Laroxyl, Anafranil, Zoloft, Deroxat.
ولكن لماذا يجب الإقلاع عن المضادات الاكتئاب؟
من عيوب الأدوية المضادة للأكتئاب أنها تتسبب في الإدمان وفقدان التحكم في النفس، فحين يعتقد المرء أنه يعاني من الأكتئاب، فهو إذا يعتبر نفسه مريضا، من ثم فهو معرض للشعور بالحزن لأسباب يعتقد أنها قوية.
بالإضافة إلي أن هذه الأدوية تؤدى إلى أثار جانبية : البعض منها يؤدى إلى زيادة كبيرة فى الوزن، إضطربات على المستوى الذهنى، العضلى والبصرى. ولكن الآثار الأكثر شيوعا تظل خفيفة: الغثيان، الدوار، الاضطرابات، الصداع.
كيف يمكن الإقلاع عن مضادات الاكتئاب؟
فى المقام الاول، لا تقدمى على شئ دون اللجوء الى مشورة الطبيب. فى حالات الاكتئاب، ينصح بتخفيض الجرعة المعتادة خلال عشرة أيام لتصل إلى النصف ثم التوقف نهائيا، قد يتسبب التوقف عن مضادات الاكتئاب إلى نوع من الاضطرابات السلوكية والإدراكية.
ما هى البدائل؟
يمكن استخدام الاوفاريقون (نبات طبى مضاد للأكتئاب) كبديل للعلاجات الكيميائية: فقد أظهرت دراسة قام بها المعهد القومي للصحة والبحث الطبي في فرنسا Inserm أن هذا النبات له فوائد كبيرة فى حالات الاكتئاب الخفيفة تفوق الأدوية البديلة وكذلك تفوق عقار الـ Prozac وهو العلاج الأول المعروف لمكافحة الأكتئاب، لكن لابد من الألتزام بإرشادات الاستخدام.
قد يتفاعل الـ millepertuis الاوفاريقون مع بعض العقاقير التى تفقد فاعليتها مع الوقت أو تسبب الحساسية الضوئية للجلد (فرط حساسية الجلد عند التعرض للشمس) من ثم يتعرض للتلف فى الصيف.
من العلاجات التى يوصى بها بشدة: التحدث مع أحد المتخصصين أو لصديق يستمع جيدا.
عليك بالتدفق... اسردى، فرغى كل أحزانك ثم استعيدى نفسك مجددا دون أن تهملى التقنيات السابق ذكرها، مثل التنويم المغناطيسى، يمكن أن يكون العلاج الضوئى أيضا فعال فى حالات الاكتئاب الموسمى التى قد تأتى فى الخريف وتسمى بأزمات الحزن Coup de blues
عليك معرفة
أن الاوميجا 3، الموجودة بوفرة فى الأسماك الدهنية، زيت الكوزور، حبوب زيت السمك قد أثبتت فاعلية فى الوقاية من الاكتئاب لدى كبار السن.
كيف يمكن الإقلاع عن العقاقير المضادة للأكتئاب
يتم ذلك عن طريق تناول غذاء متوازن غنى بالفاكهة، الخضراوات، والأسماك مع إنقاص الوزن وممارسة الأنشطة البدنية بشكل منتظم، ويجب أيضا السيطرة على مستوى الكوليسترول، (تركيز الجلوكوز في الدم)، الضغط.
ما يجنب الإقبال على العقاقيرالمضادة للكوليستول هى الأدوية المضادة للسكر التي تؤخذ عن طريق الفم، مضادات الضغط المرتفع التى يتناولها المريض منذ سنوات طويلة، لكنها قد تكون بدون جدوى عندما تكون الأضطرابات بسيطة.
لكن فى الحالات المتفاقمة إذا ما لزم تناول هذه العقاقير يجب التقليل من الجرعات عن طريق إنتهاج نمط حياة صحى وتحسين العلاج.