متى يتعلم الأطفال القراءة؟ يعد البدء بتعلم القراءة موضوع جدل بين التربويين وعلماء النفس، حيث إن القراءة عملية معقدة كغيرها من العمليات التعليمية العضوية التي تحتاج إلى استعداد معين قبل أن يدرب الطفل على تعلمها، ونظراً لأن هذا الاستعداد لا يتوقف على عامل النضج فقط، فهناك كذلك بيئة الطفل ومحصوله اللغوي السابق وخبراته، وكل هذا يتزامن مع نضجه في النواحي العقلية والجسمية المختلفة في بلوغ درجة الاستعداد التي لا بد منها لنجاح تعلمها (Aukerman, 1981).
ربما أن هناك فروقاً كثيرة بين الأطفال في الصف الواحد، وليس لهذا معنى إلا أنهم مختلفون في درجة استعدادهم للنجاح في أية عملية تعليمية تعلمية، ومنها عملية القراءة، ونظراً لأن الجميع يأخذون منهجاً واحداً، ويتوقع منهم جميعاً أن يبلغوا مستوى معيناً آخر العام. وبما أنهم ليسوا سواء، لا يبلغون المستوى الذي نرجوه، لذلك نجد أطفالاً يخفقون في تعلم القراءة في السنة الأولى من حياتهم المدرسية. وقد أرجع بعض المربين من أمثال: ريد (Reed) (المشار إليه في سعيد، 1994) سبب الإخفاق إلى عدم استعداد الأطفال للقراءة، ونظراً لذلك يجب التأكد من مدى استعداد كل منهم، ومحاولة تنمية هذا الاستعداد بجميع الوسائل التربوية الممكنة، ولا يبدأ بأخذ الطفل منهجاً منظماً في تعلم القراءة، إلا إذا بلغ درجة الاستعداد المناسبة، وذلك لأن كل طفل عادي سوف يتعلم القراءة يوماً من غير حفظ أو إكراه.
لذلك ظهرت ثلاثة اتجاهات مختلفة للبدء في تعلم القراءة عند الأطفال، وهذه الاتجاهات هي (Alexander, 1988):1- التعجل في تعليم القراءة، فيُكره الطفل على تعلم القراءة بطريقة منظمة، بمجرد دخوله المدرسة سواء أكان مستعداً أم غير مستعد.
2- تأجيل عملية تعليم القراءة، حتى يضمن استعداد الطفل.
3- عدم العجلة أو التأجيل بتعليم القراءة للجميع، وإنما التمهل مع أطفال الصف الذين يختلفون في استجاباتهم للبيئة المحيطة بهم وفقاً لمستوى النضج.
إن مرحلة رياض الأطفال مرحلة إعداد وتهيئة بالنسبة لحياة الطفل الدراسية المقبلة، فتوفر الجو الملائم يلعب دوراً مهماً في تهيئته للقراءة، وتنمي لديه الميل نحوها
وأدى كل هذا إلى تحديد عمر عقلي لبدء تعلم القراءة، وظهرت دراسات عن عدم استعداد الأطفال للقراءة في سن (6) سنوات، وظهرت آراء أخرى لتأجيل تعليم القراءة حتى بلوغ الطفل سن (6.5) سنة من العمر العقلي، وحتى ظهور القدرات اللازمة لتعلم القراءة، وبذلك تم الربط بين الأداء في القراءة والذكاء والذي تم تحديده بسن (5-6) سنوات من العمر العقلي، وهي السن المناسبة للبدء بتعليم القراءة. وهذه الآراء والاتجاهات كانت الأساس في ظهور برامج الاستعداد للقراءة (Alexander, (1988.
ومعنى هذا أنه في سن طفل الروضة يمكن تهيئته للقراءة، ومع بدء المرحلة الابتدائية، حيث يكون الطفل قد بلغ (6) سنوات من العمر، يبدأ تعليم القراءة. حيث تكون وظائف أعضاء الحس والحركة والجهاز العصبي عند الطفل قد اكتملت، مما يجعله قادراً على القيام بعمل دقيق كعملية القراءة، وهذا ما وصل إليه معظم المربين بتحديد سن السادسة، أو السادسة والنصف كمنطلق لتعليم القراءة. ولا يعني هذا أن الأطفال الذين هم دون السادسة من عمره لا يتوصلون إلى مهارة القراءة، فالتجارب أثبتت أن كثيراً من الأطفال قد توصلوا إليها في سن الرابعة والنصف، أو الخامسة، ولكن وصولهم إلى هذه النتيجة كان يتم على حساب حواسهم وأعصابهم، وبدون أن يعطيهم ضماناً للمستقبل في التفوق على أقرانهم (الترتوري والقضاه، 2006؛ الديب، 1985).